أطلّت مقدّمة البرامج الإعلاميّة، وكأنّها ممثّلة أو مطربة أو كراقصة أعياها السكر، وهي على كامل الإستعداد للغناء والفقش والطرب والضحك والإستعراض أمام الجماهير الجائعة المسجونة والحائرة في أوكارها اللبنانية بحثاً عن وزير الطاقة في لبنان، بعدما طقّت أرواحهم.
تخال العلكة في فمها والحقيقة غير ذلك. مسحت شفتيها بالريق وبغنجٍ يسيل على طرف لسانها، بعدما كانت قد دعكت شفتيها بالأحمر القاني، ودلقت شفّتها السفلى إلى تحت ثمّ حملت" الميكريفون" بين أصابعها تتعمشق فوقها فصوص الأحجار الكريمة البرّاقة، والأحجار" البخيلة" مع نصف كيلو من الأساور تغطّي الزند، وأظافر زرقاء مثل الرماح ستثقب الشاشة وتنقر وجهك وعينيك.
برق الضوء فوق صفحتها المغلّفة بطحين الأرض في بلدٍ لا طحين ولا خبز فيه، وبان الطحين مختلطاً بكحل يعمي العينين وكأنّك تبحث في وجهها عن صدقات طحين العراق مدفوناً ل"فئران" صبرا وشاتيلا تحت المدينة الرياضيّة عفواً مدينة رفيق الحريري الرياضيّة.
بات كلّ شيءٍ الدنيا صالحاً وجاهزاً لأيّ أمر جنسي، إلاّ لإجراء مقابلةٍ جائع مهجّر منتوف، ولربّما هو مهجّر منذ 13 نيسان 1975 ينتظر العودة إلى ثقب المرآة في عين الرمّانة بحثاً عن دولة عفواً تضيع بين قصرين: واحد متحرّك الأعمدة وآخر ثابت الأعمدة والأسس. رحم الله أبو غسّان جوزف خوري. كان الخواجه جوزيف، قبل رحيله، يحاول أن يبني مدرجاً بوسع لبنان للإحتفالات يتّسع ل 5 ملايين لبناني يقعدون كلّهم في الصف الأوّل حيث ليس هناك من صفّ ثانٍ في لبنان. لربّما كان يبحث عن رفع حدود متينة للبنان، تماماً مثل الخطّ السريع بين بيروت والشمال عبر المارينا.
دارت الكاميرا عن الإعلاميّة، فإذا بنا أمام وجهٍ بائسٍ مهجور أصفر. علق بشعيرات ذقنه كل جياع الكرة واكتسى وجهه ب:بؤس أرصفة العالم المهجورة. ولمحنا بين سبّابته وإصبعه الوسطى لفافةّ يعلكها ولا يدخّنها.
وعندما إلتفت إليها بريجيت باردو لبنان، خالها إم سيرين من قريته الجنوبيّة، هي تشبهها ولربّما تهجّرت وتدبّرت أمرها في مدينة بيروت حيث السهولة في الربح وتغيير السحنة والأرباح الوفيرة.
سألته: مبسوط هون؟؟؟
هزّ رأسه بنعم ولم ينطق سوى بدمعة برقت تتراقص في عينيه.
انتهت المقابلة.
وراح المشاهدون والمشاهدات من فصيلتها يتبادلون الأحاديث عن ثيابها وماكياجها وأساورها وفستانها القصير الذي نعمّر به بناءً كاملاً لحفنةٍ من بقايا المهجّرين، أو تسدّ العجز في خزينة الدولة الفارغة تعاضداً مع صديقي غازي وزنة، وبين السائلة والمجيب مئة سنة ضوئيّة على الأقلّ.
سألت عنها في الصباح: قالوا من قرية " خرابيت أو خرابيط". الحقيقة أنّ المدير العام الذي أجابني عنها تأتأ فلم يفرّق بين التاء والطاء . قفلت وقلت لنفسي: لبنان بلد "الميديا ستيت" نعم هو يسبق أميركا والعالم في ميادين الإعلام والعلاقات العامّة والخاصّة.